يمثل الإعلام الاجتماعي الإلكتروني في العالم العربي قفزة نوعية في سهولة تقديم وتداول المعلومات والتفاعل معها، والمشاركة في صنعها من قبل الجمهور، ولا سيما إبان ثورات الربيع العربي، بينما كانت الأمور في السابق مقتصرة على تقديم المعلومة بشكل مباشر للجمهور من قبل القائمين على وسائل الإعلام: المكتوبة والمرئية والمسموعة.
وفي هذا الإطار انتشرت مؤسسات الإعلام الاجتماعي المرادف للإعلام التقليدي، ونشأت وسائل إعلام خاصة على الإنترنت لتقدم المعلومة للجمهور، وانتشرت هذه المؤسسات التي تقدم كل لحظة كمَّاً كبيراً من المعلومات والأخبار والصور والفيديوهات، منها ما هو صحيح ويندرج تحت معايير الصحافة من المصداقية والمهنية، ومنها الكثير من الأخبار المكذوبة والمغلوطة دون تثبت من صحة هذه الأخبار.
وهذا ما حدا بكثير من الأفراد والمؤسسات إلى العمل بشكل جاد من خلال إنشاء منصات إلكترونية ترصد هذه الأخبار الكاذبة والمغلوطة، وتقوم بتصحيحها ضمن منهج البحث العلمي والصحفي.
مشاريع كثيرة في هذا الصدد، منها ما هو خاص ببلد معين ومواقعه وصفحاته التي تتداول أخباره كسوريا والأردن ومصر، ومنها ما هو أعم من ذلك ليتناول المحتوى المقدم على شبكة الإنترنت بشكل عام، من هذه المشاريع: "صحح خبرك" الأردنية، و "ده بجد" المصرية، و"تأكد" السورية.
"30 فبراير" أحد هذه المشاريع التي تسعى إلى رصد هذه الأخطاء ونشر التصحيح الخاص بها، ومكافحة ظاهرة النقل عن مواقع التواصل الاجتماعي دون التثبت والتأكد من صحة المعلومة، وهو برنامج مصور يقدمه الإعلامي أحمد الشيخ، ويُنشر على منصات إلكترونية خاصة بالبرنامج على مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول أحمد الشيخ عن هذا المشروع للتلفزيون العربي: "فكرة البرنامج تعود في الأصل إلى الرسالة التي حصلت بموجبها على درجة الماجيستير في الإعلام التنموي من بريطانيا، وكان موضوعها عن الدور الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في المشهد السياسي المصري خلال السنة التي حكم فيها محمد مرسي. وخلصت الرسالة إلى أن شخصيات بارزة وصفحات شهيرة أساءت استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خلال هذه الفترة من خلال نشر الشائعات والتحريض والدعاية الكاذبة وهناك سياسيون منهم مرسي ومحمد البرادعي أهدروا فرصة استخدام التواصل الاجتماعي لتحقيق مكاسب سياسية".
ويضيف الشيخ: "حينها فكرت في برنامج يتحدى الشائعات والمعلومات المغلوطة ويشجع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على الاستفادة من الانترنت بدلا من استغلاله في تضييع الوقت".
أما عن أهداف المشروع المستقبلية، فيقول الشيخ: "أن يصبح البرنامج بحساباته على وسائل التواصل الاجتماعي مرجعا للمستخدم العربي لمعرفة الحقائق والتأكد من الأخبار والحصول على معلومات مفيدة، وبالتالي يرقى البرنامج بسلوك المستخدم العربي على وسائل التواصل الاجتماعي"
وعن إمكانية أن تغير هذه المشاريع من الواقع المرير الذي يعيشه الإعلام الاجتماعي من كثرة الأخبار الكاذبة والمغلوطة المتداولة قال الشيخ: "30 فبراير انطلق قبل ستة أشهر، واستطاع أن يقدم نفسه بصفته البرنامج الوحيد المتخصص في التحقق من الأخبار والمعلومات، وأن يمزج بين رصد وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام التقليدي وأن يطور شكل العرض وأن يفرض شخصيته بوصفه برنامجاً جذاباً يجمع بين عمق المعلومة وخفة الأسلوب"
وأضاف: "كثير من المستخدمين يرسلون لنا أسئلة تتحرى عن حقيقة خبر، أو يتركون تعليقا يشيد بالعمل ويشجعوننا على المزيد، كما أن نسبة متابعة البرنامج تزداد بشكل كبير. كل هذه مؤشرات تفيد بأن المستخدم العربي يدرك حاجته لمصدر موثوق مثل ٣٠ فبراير، ويقبل عليه ويدعمه وأن المشهد الحالي على الحسابات العربية في وسائل التواصل الاجتماعي سوف يتغير قريبا".
"لأن الخبر أمانة" هو شعار مشروع قام به مجموعة من الصحفيين و الناشطين الإعلاميين السوريين اسمه "تأكَّد"، يهتم بكل ما ينشر عن الشأن السوري من صور وفيديوهات وأخبار، وتصحيحها وإيصال المعلومة الموثوقة للقارئ، وإعادة الثقة بالإعلام البديل الذي كان له دور كبير في تقديم المعلومة، في ظل القمع الذي يتعرض له الصحفيون السوريون.
يقول القائمون على هذا المشروع معرفين به: "مع غياب الرقابة على تلك المؤسسات أصبحنا نشاهد ونقرأ كثيراً من الأخبار الكاذبة والمغلوطة، ما أفقد إعلام الثورة جزءاً من صدقيته أمام الجمهور المحايد والمتعاطف مع الثورة من غير السوريين، وحتى أمام جمهوره من السوريين المعارضين، نحن في منصة "تَأكّدْ" نعمل على رصد الأخبار و الشائعات المغلوطة في المؤسسات الإعلامية العربية و العالمية وتصحيحها، بغية إيصال المعلومة الحقيقية للقارئ".
وتبقى هذه المبادرات مهمة لإعادة الثقة بالإعلام البديل، ووضع أسس وضوابط للتثبت قبل تداول الأخبار المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوعية الجمهور المتابع لتستطيع هذه الوسائل المنافسة والصمود في سوق تداول المعلومات.
شبكة التلفزيون العربي